بدأ النهار وتغير لون السماء وبدت الشمس قادمة من بعيد
فالأرض تتهيأ ليوم جديد
تقتربت الأم من باب الغرفة والنوم يغالبها
هذا الأمان الذي يصاحب خطواتها
وهذا الحنان الذي يلازم دقات قلبها هو لطفلها بمثابة الدنيا بأسرها
صوت إنفجار يُحول السّماء لجمرةِ نار
لهيبٌ ودخانٌ وصوت إرتطام
دُكت الأرض دكاً وتساوى السقف بالأرض
بدى وكأن القيامة قامت وأشراط الساعة وأهوالها تتلاحق
اختفى صوت الأم تحت الركام وعلا صراخ رضيعها
لا أحد يعلم من تحت أي صخرة يتسرب الصوت الضعيف
منادياً أمه التي لا يعرف سواها فقد حان موعد حليبه
هو لا يستطيع الحراك لكن قلبه الصغير مازال ينبض
فاضت روح الأم لبارئها فلم تتحمل عظام رأسها الصغير حجم الصخور المتهاوية وقوة ارتطام أعمدة البيت
رجال بوجوه نضرة تجمع عظام أبنائها أو ربما تجمع بقايا جامجم
سواد في الأفق وصوت الموت يملأ الأرجاء
ماتت الأمومة ومات الحنان وكأننا يوم التناد
كل شيء تحول إلى بقايا
بقايا أحلام
بقايا أمل
وبقايا حياة
كل الدنيا تتلخص عند هذا المشهد
مشهد الفناء
مشهد الخذلان
وقلة الحيلة والهوان
تشرق الشمس وتكسو الأرض نوراً
لكن اليوم غير الأمس
بدى كل شيء كئيب لا طعم ولا رائحة
لا يبدو أن هناك حياة
كأن القيامة قامت هنا وانتهت الدنيا
حتى أغصان الزيتون تبدل خضارها ولم يبقى منها إلا رمادٌ خانق
وأخرى محترقة متفحمة بلون الجمر
بقايا لعبة حمراء
تبدو كأنها لعبة فتاة في السابعة من عمرها
كانت تخلد للنوم وفي قلبها حب للعالم كله
حلمت يوما أن تصير طبيبة لتعالج الأطفال اليتامى بلا مقابل
لكنها دفنت بلا كفن قبل أن تُكمل حلمها الاخضر
في قلبي غصة
فالدنيا بأسرها باتت في عيني كجيفةٍ قذرة
أغالب الحزن لأستكمل يومي لعل الحرب تنتهى يوماً من الوجود
وتغرد طيور السلام لحناً عذباً صافياً صادقً حقيقياً
ربما في الجنة
أو في الأحلام
فاللهم برداً وسلاماً على القلوب المتعبة
والأجساد الضعيفة
واجبر قلوب المكلومين والحزانا والحائرين
بكرمك وقدرتك يالله
Comments
Post a Comment